فصل: الخبر عن بني يرناتن إحدى بطون توجين من هذه الطبقة الثانية وما كان لهم من التقلب والامارة وذكر أوليتهم ومصايره:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن بني سلامة أصحاب قلعة تاوغزوت رؤساء بني يدللتن من بطون توجين من هذه الطبقة الثانية وأوليتهم ومصايرهم:

كان بنو يدللتن هؤلاء من شعوب بنى توجين وأشدهم شوكة وأوفرهم عددا وكان لهم ظهور من بين سائر تلك البطون وكان بنو عبد القوي ملوك بني توجين يعرفون لهم ذلك ويوجبون لهم حقه ولما دخلوا إلى التلول بعد انقراض بني يلومي وبني ومانوا نزل بنو قاض وبنو مادون بأرض منداس فأوطنوها وجاء بنو يدللتن على أثرهم فأوطنوا الجعبات وتاوغزوت ورياستهم يومئذ لنصر بن سلطان بن عيسى ثم هلك فقام بأمرهم ابنه مناد بن نصر ثم أخوه علي بن نصر من بعده ثم ابنه إبراهيم بن علي من بعده ثم هلك وقام بأمرهم أخوه سلامة بن علي على حين استفحل ملك عبد القوي وبنيه فاستفحل أمره هو في قومه واختط القلعة بتاوغزوت المنسوبة إليه وإلى بنيه وكانت من قبل رباطا لبعض المنقطعين من عرب سويد ويزعم بنو سلامة هؤلاء أنهم دخلاء في نسب توجين وأنهم من العرب من بني سليم بن منصور وجاء جدهم عيسى أو سلطان نازعا عن قومه لدم أصابه فيهم فخلطه شيخ بني يدللتن من بني توجين بنسبه وكفل بنيه من بعده فكانت له سببا في رياسته على بني يدللتن وبنيه من بعده.
ولما هلك سلامة بن علي قام بأمرهم من بعده ابنه يغمراسن بن سلامة على حين استغلظ بنو عبد الواد على بني توجين من بعد مهلك محمد بن عبد القوي سلطانهم الأكبر فكان عثمان بن يغمراسن يتردد إلى بلادهم بالغزو ويطيل فيها العيث ونازل في بعض غزواته قلعتهم هذه وبها يغمراسن فامتنع عليه وخالفه يوسف بن يعقوب وبنو مرين إلى تلمسان فأجفل على القلعة وسابق بني مرين إلى دار ملكه واتبعه يغمراسن بن سلامة مغيرا في أعقابه فكر عليه بالمكان المعروف بتليوان ودارت بينهم هناك حروب هلك فها يغمراسن بن سلامة وقام بالأمر من بعده أخو محمد بن سلامة فأذعن لطاعة عثمان بن يغمراسن وخالف بنو عبد القوي وجعل الأتاوة على قومه ووطنه لملوك بني عبد الواد فلم تزل عليهم لملوك تلمسان ولحق أخوه سعد بالمغرب وجاء في جملة السلطان يوسف بن يعقوب في غزوته التي حاصر فيها تلمسان حصاره الطويل فرعى لسعد بن سلامة هجرته إليه وولاه على بني يدللتن والقلعة وفر أخوه محمد بن سلامة فلحق بجبل راشد وأقام هنالك إلى أن هلك يوسف بن يعقوب ورجع أمر المغرب الأوسط لبني عبد الواد فوضعوا الأتاوة على بني توجين وأصاروهم إلى الجباية ولم يزل سعد على ولايته إلى أن هلك أبو حمو وولي تاشفين فسخط سعدا وبعث عن أخيه محمد من جبل راشد فولاه مكانه ولحق سعد بالمغرب وجاء في جملة السلطان أبي الحسن ودخل أخوه محمد مع أبي تاشفين فانحصر بتلمسان وولي سعد بن سلامة مكانه ثم هلك محمد في بعض أيام الحصار وحروبه ولما انقرض أمر بني عبد الواد رغب سعد من السلطان تخلية سبيله لقضاء فرضه فحج وهلك مرجعه من الحج في طريقه وعهد إلى السلطان أبي الحسن واستوصاه ببنيه على لسان وليه عريف بن يحيى كبير بني سويد فولى السلطان أبو الحسن ابنه سليمان بن سعد على بني يدللتن والقلعة وانتقض أمر السلطان أبي الحسن وعاد الأمر إلى أبي سعيد وأبي ثابت ابني عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن فكانت بينه وبينهم ولاية انحراف وكان أولياؤهم من العرب بني سويد من زغبة لما كانوا جيرانهم في مواطنهم من ناحية القبلة فطمع وترمار بن عريف شيخهم في التغلب على وطن بني يدللتن ومانعه دونه سليمان هذا وبالغ في دفاعه إلى أن ملك السلطان أبو عنان بلاد المغرب الأوسط ورعى لوترما وابنه عريف حق انحياشهم إليه وهجرتهم إلى قومه فأقطع وترمار بن عريف القلعة وما إليها وجباية بني يدللتن أجمع وألحق سليمان بن سعد بن سلامة في جنده ووجوه عسكره إلى أن هلك السلطان وعاد الأمر لبني عبد الواد على يد أبي حمو الأخير فولي سليمان على القلعة وعلى قومه واستغلظ أمر العرب عليه فاستراب سليمان هذا ونذر بالشر منه فلحق بأولاد عريف ثم راجع الطاعة فتقبض عليه واغتاله وذهب دمه هدرا ثم غلبه العرب على عامة المغرب الأوسط وأقطع القلعة وبني يدللتن لأولاد عريف استئلافا لهم ثم أقطعهم بني مادون ثم منداس فأصبحت بطون بني توجين كلها خولا لسويد وعبدا لجبايتهم إلا جبل وانشريس فإنه لم يزل لبني تيغرين والوالي عليهم يوسف بن عمر منهم كما قلناه ونظم أبو حمو أولاد سلامة في جنده وأثبتم في ديوانه وأقطعهم القصبات من نواحي تلمسان في عطائهم وهم على ذلك لهذا العهد ولله الخلق والأمر لا رب سواه ولا معبود إلا إياه له الحكم إليه ترجعون وهو نعم المولى ونعم النصير وهو على كل شيء قدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

.الخبر عن بني يرناتن إحدى بطون توجين من هذه الطبقة الثانية وما كان لهم من التقلب والامارة وذكر أوليتهم ومصايره:

كان بنو يرناتن هؤلاء من أوفر قبائل بني توجين وأعزهم جانبا وأكبرهم صيتا ولما دخل بنو توجين إلى تلول المغرب الأوسط أقاموا بمواطنم الأولى ما بين واضون وزمتة ثم يعودون من القبلة يجولون جانبي نهر واصل من أعلى وادي شلف.
وكانت رياستهم في نصر بن علي بن تميم بن يوسف بن بو نوال وكان شيخهم مهيب ابن نصر منهم وكان عبد القوي بن العباس وابنه محمد أمراء بي توجين يختصونهم بالإثرة والتجلة لمكانهم من قومهم وما يؤنسون من عظيم عنائهم وكان محمد بن عبد القوي في سلطانه يؤثر عليهم من الحشم أولاد عزيز وكان واليهم لعهده وعهد بنيه عبو بن حسن بن عزيز وقد كان أصهر مهيب بن نصر إلى عبد القوى في ابنته فأنكحه إياها وولدت له نصر بن مهيب فشرفت خؤلته لمحمد بن عبد القوي وعلا كعبه في إمارته ثم ولي بعده ابنه على بن نصر وكان له من الولد نصر وعنتر وآخرون يعرفون بأمهم واسمها تاسرغينت وولي بعده ابنه نصر بن علي فطال أمد إمارته في قومه واختلف بنو عبد القوي وغلبهم بنو عبد الواد على ما بأيديهم فصرفت ملوك زناتة وجه العناية إليه فبعد صيته وعرف بنوه من بعده بشهرته وكان ولودا فيقال: إنه خلف ثلاثة عشر من البنين ما منهم إلا صاحب حرب أو مقنب ومن مشاهيرهم عمر الذي قتله السلطان أبو الحسن بمرات حين سعى به أنه داخل في اغتياله ففر وأدرك فقتل بمرات ومنهم منديل الذي قتله بنو تيغرين أيام ولوا علي ابن الناصر وقتلوا معه عبو بن حسن بن عزيز ومنهم عنان ومات قتيلا في حصار تلمسان أيام أبي تاشفين ومنهم مسعود ومهيب وسعدو وداود وموسى ويعقوب والعباس ويوسف في آخرين معروفين عندهم هذا شأن أولاد نصر بن علي بن نصر ابن مهيب.
وأما ولد عنتر أخيه فكان منم أبو الفتوح بن عنتر ثم من ولده عيسى بن أبي الفتوح فكان رئيسا على بني أبيه وكانت إحدى وصائفهم سقطت بدار عثمان بن يغمراسن وادعت الحمل من سيدها أبي الفتوح وجاءت بأخ لعيسى يسمى معروفا ربي بدارهم واستوزره أبو حمو وابنه من بعده وبلغ المبالغ في دولتهم وكان يدعى معروفا الكبير ولحق به أيام رياسته في دولة أبي حمو الأول أخوه عيسى ابن أبي الفتوح مغاضبا لقومه فسعى له في الولاية على بني راشد وجباية أوطانهم وأنزله بلد سعيدة فكانت له بها إمارة وكان له من الولد أبو بكر وعبو وطاهر ووترمار وعندما غلب بنو مرين على بني عبد الواد ولاهم السلطان أبو الحسن على بني يرناتن متداولين وأما ولد تاسرغينت من بني علي بن نصر بن مهيب فلم يكن لهم ذكر في رياسة قومهم إلا أن بعض وصائفهم سقطت أيضا إلى دار أبي تاشفين فولدت غلاما يعرف بعطية بن موسى نشأ في دارهم ينسب إلى بني تاسرغينت هؤلاء وتناولته النجابة في خدمتهم فولوه الأعمال النبيهة وهو لهذا العهد عامل أبي حمو الأخير على شلف وما إليها وقد غلب العرب لهذا العهد على وطن بني يرناتن وملكوا عليهم يعود ماحنون وبقيت صبابتهم بجبل ورنيد وعليهم لهذا العهد سعيد بن عمر من ولد نصر بن علي بن نصر بن مهيب يعطون المغرم للسلطان ويصانعون العرب بالأتاوة وبيد الله تصاريف الأمور سبحانه لا رب غيره.